بهدف للفهد الأنجولي فلافيو في شباك حرس الحدود يصل الأهلي للنقطة 32 ليصبح بطلا لهذا الشتاء وتتبقى له مباراة مؤجلة ضد طلائع الجيش يوم 31 يناير الجاري يمكن أن يزيد الفارق إن فاز بها إلى 5 نقاط عن أقرب منافسيه بتروجيت ليقترب الأهلي من حسم بطولة الدوري المصري الممتاز للمرة الخامسة على التوالي وهو ما لن يكون صعبا إذا قارناه بصعوبة التصدر في الدور الأول الذي كان الأهل منشغلا فيه بصراعة الأفريقي الذي اختتمه بالنصر وصراعه العالمي في كأس العالم للاندية الذي لم تكن المسيرة موفقه فيه.
ولما كانت الأهداف هي حروف كلمات النصر في كرة القدم ، والوثائق الهامة التي تدون في كتب التاريخ الكروية ، وصك المتعة لملايين المتابعين ، كان لابد من محاولة دراسة الظواهر المتعلقة بها في نادينا الحبيب الأهلي خلال 4 سنوات ونصف هي عمر حكم الأهلي الكامل والممتد لأضعاف ذلك الوقت بإذن الله لمقاليد السلطة الكروية في الجمهورية المصرية والقارة الأفريقية ؛ لنعلم أين يسير الفريق وهل هناك مؤشرا لتراجع نهابه جميعا في الفترة المقبلة أم أن كل شيء على ما يرام كما يردد البعض .
آلية إحراز الأهداف التقليدية:
بالتأكيد هم المهاجمون الذين تقع على عاتقهم المسؤولية الأولى في إحراز الأهداف كل مباراة ، وقد امتلك الأهلي في السنوات الخمس الأخيرة مجموعة رائعة من المهاجمين ، بعضهم أداى مسيرته على أكمل وجه ورحل مثل عماد متعب وخالد بيبو ، وبعضهم مازال يلعب شكل اساسي مثل أمير القلوب محمد أبوتريكة وفلافيو وبركات في آخر موسمين ، وبعضهم احتياطي فعال مثل أسامة حسني والبعض مازال يبحث عن فرصة لإثبات الذات مثل هاني العجيزي وأحمد حسن دروجبا أو لإعادة اكتشاف أنفسهم مثل أحمد بلال.
وقد استخدم مانويل جوزيه خلال الفترة الماضية هؤلاء المهاجمين حسب حاجته الخططية لأن كل منهم له طريقة في الأداء تناسب أسلوبا مختلفا عن الآخرين ، فعماد متعب يمتاز بالتحركات الممتازة والقدرة على الاحتفاظ بالكرة واللعب من لمسة واحدة مع بعض المهارات التي تعينه في مواقف واحد على واحد ، بينما فلافيو يمتاز بقوة التسديد وحسن استخدام رأسه لأحراز الأهداف من الكرات العرضية ، بينما أبوتريكة يمتاز بصناعة اللعب وإمداد المهاجمين بالكرات الحريرية التي تجعلهم في مواجهة المرمى بالإضافة إلى قدرته الكبيرة على إحراز الأهداف عن طريق مراوغاته الفعالة والقدرة على التصويب بوجه القدم الخارجي واستغلال الكرات الثابتة ، بينما يمتاز الزئبقي بركات بالتحرك الرائع سواء بالكرة أو بدونها والسرعة في الذهاب إلى المرمى من أقصر الطرق ، أما أسامة حسني فيعتبر من أفضل لاعبي الأهلي في التعامل مع الكرات العرضية برأسه وكثيرا ما أحرز أهدافا حاسمة بهذه الطريقة ، بينما هاني العجيزي فإنه يمتاز بمهارات رائعة وطول يساعده في الكرات العرضية ، وأحمد حسن دروجبا يمتاز بحسن التمركز للكرات العرضية والقتال على الكرة.
كل هذه الأساليب استخدمها جوزيه خلال المواسم السابقة بشكل متنوع حسب أسلوب لعب الخصم وحسب اللاعب المتوفر ليبني عليه خطته وكانت نتيجتها كم هائل من الأهداف عملت على إحصائه في الجدول القادم بعد قليل .
حلول أخرى :
أثناء مطالعتي لقائمة لاعبي الأهلي الذين أحرزوا أهداف النادي هذا الموسم لفتت انتباهي ظاهرة ربما تبدو منطقية ولكنها مقارنة بالسنوات الماضية ربما تعطي انطباعا سيئا لدى المتابعين للأهلي ، الظاهرة التي أقصدها هي تسجيل مهاجمي الأهلي ل 24 هدف من 26 هدف أحرزت هذا الموسم واقتصار لاعبي الوسط المدافع والمدافعين على هدفين فقط ، وهو ما قد يعطي مؤشرا بقوة هجوم الأهلي ولكنه في نفس الوقت ربما يعطي إيحاء بقلة الحلول عند اللاعبين الذين يشغلون مراكزا دورها الأكبر دفاعي ، هذه الحلول التي طالما حسمت مباريات كثيرة خلال السنوات الأخيرة ، ولتوضيح ذلك قمت بعمل إحصائيات شاملة لأهداف الأهلي جمعتها في الجدول التالي :
يتضح من الجدول أن عدد الأهداف التي يحرزها المدافعون ولاعبو وسط الملعب ذوو الأدوار الدفاعية قد انخفضت بشكل تدريجي من موسم 2004-2005 والذي بلغ 22 هدفا وهو ما يشكل نسبة 1 : 1.68 من الأهداف التي يسجلها اللاعبون ذوو الأدوار الهجومية إلى 12 هدف فقط الموسم الماضي 2007-2008 وهدفين فقط مع تبقي مباراة واحدة على نهاية مباريات الدور الأول للموسم الجاري 2008-2009 وهو ما يشكل نسبة 1 : 2.9 و 1 : 12 على التوالي إلى الأهداف التي يحرزها المهاجمون ، مع العلم انه عند عمل هذه الإحصائيات تم الاعتماد على مباريات الدوري فقط ، وقد روعي وضع الزئبقي محمد بركات مع المدافعين في أول 3 مواسم حيث كان جوزيه يميل أكثر إلى إشراكه في مركز الظهير الأيمن أغلب الأوقات أو في مركز الظهير الأيسر كما حدث في ختام موسم 2006-2007 ، بينما تم وضعه في جانب المهاجمين في الموسم السابق والموسم الحالي نظرا لاعتماد جوزيه عليه بشكل دائم في المثلث الهجومي .
الملاحظ أيضا من الجدول أن عدد الأهداف الذي يحرزه لاعب كمحمد بركات وهو في المراكز الهجومية ليس أكثر من عدد الأهداف التي كان يحرزها عندما كان يلعب في مركز الظهير الأيمن ، ولكن الذي تغير هو انخفاض المعدل التهديفي لباقي المهاجمين حيث أن بركات كان يحل محل احد منهم كل مباراة وبالتالي انخفض عدد الأهداف الإجمالي في الموسمين الأخيرين عن عدد الأهداف في الثلاثة مواسم الأولى التي كان يلعب فيها محمد بركات مدافعا ، وهو ما يعتبر وبالأرقام رد على بعض من نادوا بلعب بركات كلاعب حر ذو دور هجومي حتى لا يضيع مجهوده في المهام الدفاعية عندما يلعب ظهيرا أيسر ، ولكن إذا بحثنا عن مبرر إشراك جوزيه لبركات في المراكز الهجومية في الموسمين الأخيرين فأعتقد أن الأسباب لن تخرج عن سببين وهما إما تقدم السن ببركات وقلة المجهود القادر على بذله فأسند له الدور الهجومي الذذي يجيد فيه مع إسناد الدور الدفاعي للاعب آخر ، أو لانخفاض مستوى المهاجمين الآخرين معظم الوقت وسوء التوفيق الذي يلازمهم كما حدث مع عماد متعب الموسم الماضي ، أو بسبب الإصابة كما حدث مع النجم الخلوق أبوتريكة خلال الموسمين الأخيرين .
أيضا يمكن من نظرة سريعة للجدول ملاحظة أن نسبة أهداف الأهلي إلى المباريات تقل بشكل مستمر من موسم لآخر وإن كان هناك ارتفاع ملحوظ في الموسم الحالي عن الموسم الماضي ربما يبشر بارتفاع النسبة إذا استمر الأهلي على هذا المعدل حتى نهاية الدوري .
تحول الأهلي من لغم متفجر إلى مدفع موجه :
ما حدث يمكن تشبيهه بتحول الأهلي من لغم متفجر لا يعلم الخصم أي شظية منه ستصيبه وبالتالي يصعب الهروب منه لأن الخطر لا يتأتي من خط الهجوم فقط بل من أي لاعب على أرض الملعب ، إلى مدفع موجه يمكن عن طريق البعد عن فوهته تجنب أذاه وهو ما يحدث بالحصار الشديد لمهاجمي الأهلي ، وهذا ما يبرر بعض النتائج السلبية في الفترة الأخيرة حيث يفشل المهاجمون في هز الشباك في بعض المباريات.
ويمكن للاعب المدافع إحراز الأهداف بثلاث طرق أساسية ولحسن الحظ كان الأهلي يمتلكها كلها في بداية الرحلة الاخيرة لحصد الألقاب وهي :
1- الانطلاق من الخلف في غياب الرقابة وهو ما كان يمثله محمد بركات ببراعة شديدة كما تبين الأرقام في الجدول كما وضحت سابقا .
2- التصويب من بعيد وهو ماكان يمثله المرحوم محمد عبد الوهاب الذي كان يجيد إحراز الأهداف من الكرات الثابتة كثيرا والمتحركة أحيانا .
3- إحراز الأهداف بالرأس من الكرات الثابتة والركنيات وهو ما برع فيه بشدة عماد النحاس المصاب حاليا الذي كثيرا ما حسم نقاط مباريات مهمة في مسيرة الأهلي البطل .
هذه الحلول الثلاثة كانت تعتبر حلولا إضافية لحسم المباريات في حالة سوء حظ المهاجمين أو عدم توفيقهم أو تعرضهم لرقابة شديدة وهو ما يحدث الآن وللأسف غابت معظم هذه الحلول وأصبح الاعتماد على المهاجمين الذين يبني مدربو الخصوم كل خططهم على الحد من خطورتهم وهو ما يفلح أحيانا فتسوء النتائج ، لذا يجب التركيز عند إعداد او شراء لاعب ليلعب لفريق بحجم الأهلي ألا يكون فقط مجيدا في مركزه الأساسي بل ايضا أن يكون ذو ميزة تهديفية تساهم في الفوز كلما سنح الأمر.
وهذان شكلان يوضحان الفاعلية الهجومية للتشكيل الأساسي للاعبي الأهلي في أكثر المواسم للمدافعين قدرة على إحراز الأهداف وهو موسم 2005-2006 الذي بلغت نسبة اهدافهم إلى أهداف المهاجمين 1.1 : 1 وأقل المواسم لهم قدرة وهو موسم 2008-2009 الذي بلغت فيه نسبة أهدافهم إلى اهداف المهاجمين 1 : 12 :
ويمكن منهما استنتاج أن عدد اللاعبين القادرين على حسم معظم المباريات وهم الذين يسجلون بمعدلات شبه منتظمة كانوا 6 لاعبين (أصحاب الفاعلية الممتازة متعب وفلافيو وأبوتريكة وبركات والفاعلية الجيدة عماد النحاس ومحمد عبد الوهاب رحمه الله ) في موسم 2005-2006 بينما أصبحوا في الموسم الحالي 2008-2009 فقط 3 لاعبين (أصحاب الفاعلية الممتازة فلافيو وبركات وأبوتريكة) لذا فإن الإنتاج الهجومي المجمل في انخفاض مستمر .
هل يلحق بركات بالفرسان الثلاثة ؟
من الجدول السابق يمكن أيضا ملاحظة أن محمد أبوتريكة وعماد متعب ومحمد بركات وأمادو فلافيو هم اللاعبون الأكثر إحرازا للأهداف في مجموع المواسم الخمسة الأخيرة ، وقد حصل ثلاثة منهم على لقب هداف الدوري وهم كالتالي :
1- عماد متعب في موسم 2004-2005 برصيد 15 هدف .
2- محمد أبوتريكة في موسم 2005-2006 برصيد 18 هدف .
3- أمادو فلافيو موسم 2006-2007 برصيد 17 هدف .
بينما يتبقى الزئبقي محمد بركات من هذا الرباعي ليكون هو الوحيد منهم الذي لم يحصل على لقب هداف الدوري برغم تألقه اللافت بشكل إجمالي في هذه المواسم الخمسة وحصوله على المركز الثالث من حيث عدد الأهداف العام بين لاعبي الأهلي ، فهل يستغل بركات الفرصة هذا العام في ظل اعتماد جوزيه عليه في مركز المهاجم وإحرازه سبعة أهداف إلى الآن بفارق هدف واحد عن المتصدر ؟ نتمنى ذلك ليكون بركات قد حقق هذا الإنجاز الذي يستحقه بكل تأكيد على المستوى الفردي كما حقق مع باقي لاعبي الفريق العديد من الإنجازات التاريخية على المستوى الجماعي
مع تحياتى الميسترو
محمد الدحار
0185380162