البكاء حالة يتميز بها البشر دون سائر المخلوقات وهو لا يرتبط بالأتراح فقط واما بالأفراح أيضا، ولكن ما هى حقيقة تأثير البكاء على الصحة ؟ وهل هو ضار أم نافع؟ تشير الدراسات الأخيرة أن البكاء يزيد الأمر سوءاً لأنه يسبب الصداع، وقال الدكتور ريتشارد ايفان فى المجلة الطبية هيدايك (أى وجع الرأس)، أن الدموع التى تنهمر من العين تقود إلى الإصابة بالشقيقة (الصداع النصفي) ذلك لأن الدماغ يتفاعل مع الخلل فى توازنات الجسم، ويعتقد إيفان أنه من المحتمل أن يكون هناك علاقة بين آلام الشقيقة والشعور بالحزن.
ومن جهته يعتقد الدكتور بيل فرى من مركز أبحاث الدمع وجفاف العين فى ولاية ميناسوتا الأمريكية أن البكاء مفيد.
فقد تبين أن 85% من النساء و73% من الرجال الذين شملتهم الدراسة شعروا بالارتياح بعد البكاء. ويقول فرى "على ما يبدو فإن البكاء يخفف من حدة الضغط النفسى وهذا مفيد للصحة سيما أننا نطلق على العديد من الأمراض تسمية "الاضطرابات النفسية".
ويرى فرى أن الدموع تخلص الجسم من المواد الكيماوية المتعلقة بالضغط النفسي، ولدى دراسة التركيب الكيمائى للدمع العاطفى والدمع التحسسى (الذى تثيره الغبار مثلاً) أن الدمع العاطفى يحتوى على كمية كبيرة من هرمونى "البرولاكين" و "آى سى تى أتشن" اللذين يتواجدان فى الدم فى حال التعرض للضغط، وعليه فإن البكاء يخلص الجسم من تلك المواد. وأوضح هذا الاكتشاف سبب بكاء النساء بنسبة تفوق بكاء الرجال بخمسة أضعاف، فالبرولاكين يتواجد لدى النساء بكميات أكبر مقارنة بالكمية لدى الرجال لأنه الهرمون المسؤول عن إفراز الحليب.
ويقول الدكتور فرى أن الحزن المسؤول عن أكثر من نصف كمية الدمع التى يذرفها البشر فى حين أن الفرح مسؤول عن 20% من الدمع ,أما الغضب فيأتى فى المرتبة الثالثة. ويتفق الطبيب النفسانى الدكتور بريان روت ومؤلف كتاب "مكان آمن للبكاء"، مع الدكتور فرى فى أن البكاء مفيد، وخلص روت خلال التجارب والحالات التى صادفها خلال الخمسة عشر عاماً الماضية إلى أن عدم القدرة على البكاء كان السبب وراء العديد من الأمراض التى كان يحاول علاجها خصوصاً أن تقاليد التنشئة تحث الرجال على كبح الرغبة فى البكاء. ويقول روت "لسبب ما قرر المجتمع التعبير عن المشاعر بهذه الطريقة عير الصحية فى حين أن التعبير عن العواطف أفضل بكثير من كبتها".
ومن أبرز أنواع الدموع التى تسيل من العين:
- الدموع المطرية: وهى تحافظ على رطوبة العين وصحتها، فهى تساعد العين على التحرك بسهولة فى التجويف، ككمنا أنها تحتوى على أملاح وأنزيمات تقتل الكائنات الدقيقة.
- الدموع التحسسية: تحتوى على مواد الدموع المطرية ذاتها، وهنا تزيد الغدد الدمعية من إفراز الدموع لحماية العينين من الأوساخ والملوثات وأشياء مثل أبخرة البصل.
- دموع العواطف: وهى تنهمر مرد فعل على أحداث عاطفية، وتحتوى هذه الدموع على هرمونات وبروتينات والأندروفين وهى عبارة عن مسكن ألم طبيعي، وتساعد هذه المواد على طرد المواد السامة من الجسم لتخفيف حدة الضغط النفسي.
أثناء البكاء تزداد كمية الدمع المنهمر بمقدار يفوق المعدل الطبيعى بخمسين إلى مائة ضعف فى الدقيقة وتسكب العين وسطياً 5 مللمترات من الدمع يومياً، وجدير بالذكر أن فتح وإغماض العين بشكل لاإرادى بمعدل 20 مرة فى الدقيقة هى الحركة التى تحافظ على مرونة العينين.
ومن جانب آخر عندما قام العلماء بتحليل الدموع وجدوا أنها تحتوى على 25% من البروتين وجزء من المعادن خاصة المغنيسيوم وهى مواد سامة يتخلص منها الإنسان عند البكاء كما تبين فى أحد البحوث للدكتور وليم فراى بإنجلترا عن الدموع أن المرأة تبكى 65 مرة فى العام بينما يبكى الرجل 15 مرة ولكنهما أى الرجل والمرأة يبكيان فى وقت واحد عند الخروج من رحم الأم ويربت عليهما الطبيب ليدفعهما إلى البكاء سواء أرادا أو لا.
فما سر البكاء والدموع؟
يقول الدكتور محمد عبداللطيف بلطية أخصائى طب وجراحة العيون بالمركز القومى للرمد: قبل الحديث عن الدموع يجب أن نصف العين وهى من نعم الله سبحانه وتعالى علينا لكى نبصر ونرى عجائب الخالق وهى إحدى الحواس الخمس للإنسان وقد حفظت العين فى تجويف عظمى داخل جمجمة الرأس لتحيط بها وسادة دهنية تحميها وتحافظ عليها من الصدمات الخارجية ويحافظ على العين من الخارج جفنان كل منهما مزود بمجموعة من الأهداب"الرموش"وتتحرك العين فى كل الزوايا بواسطة ست عضلات، والظاهر لنا فى العين هو القزحية وهو ما يميز لون العين وتوجد فى وسطها الحدقة وهى التى تساعد على ضبط كمية الضوء الداخل إلى العين ومصدر الشبكية والخلايا تساعد على ضبط كمية الضوء الداخل إلى العين ومصدر الشبكية والخلايا العصبية التى ترسل الصور إلى المخ فنراها صورا وأشكالا مختلفة ويحيط بالقزحية منطقة بيضاء يطلق عليها الصلبة مغطاة بطبقة رقيقة شفافة من الملتحمة وتقع خلف الجفون العلوية الغدة الدمعية ومجموعة من الغدد الثانوية لإفراز الدموع والسائل الدمعي.
فوائد الدموع:
يقول د. محمد بلطية عديدة فهى تساعد على مرونة حركة الجفون العلوية والسفلية كما تساعد أيضا على حمايتها كأداة لتطهيرها بصورة مستمرة وحمايتها من الإصابة بالجفاف، كما تساعد على طرد أى مواد مهيجة للعين مثل الفلفل والشطة والدخان أو مواد صلبه كالأتربة وتقوم عن طريق الغدة الدمعية بإدرار الدموع وطرد هذه الأجسام الغريبة لتعود إلى شفافيتها وتنظيفها كما تقوم الدموع على شفافية القرنية وحمايتها عن الجفاف وهى من العوامل التى تساعد على وضوح الرؤية وقوة ودقة الأبصار ويضيف د. بلطية أن الجهاز الدمعى يتشكل من غدة أساسية ومجموعة أخرى من الغدد الثانوية لإفراز الدموع المبللة لسطح العين وكيس دمعى لتصريف الدموع الزائدة وتتكامل وظيفة الجهاز الدمعى بفرز طبقة دمعية مع الملتحمة أعلى التجويف العظمى للعين ويتم التخلص من الدموع الزائدة عن طريق فتحة تصريف القنوات الدمعية الموجودة على جانبى الجفن العلوى والسفلي.
وإذا كان البكاء هو أحد الوسائل للتعبير عن الانفعالات والضغوط النفسية والعصبية. فهل يعد بديلا عن العقاقير المهدئة للتخفيف والترويح عن الإنسان؟
الإجابة للدكتورة منى يحيى الرخاوى المدرس بكلية الطب النفسى جامعة القاهرة التى قالت نحن لا يمكننا التسليم المطلق بأن البكاء يعتبر نوعا من أنواع العقاقير أو بديلا عنها وذلك لأن تعاطى العقاقير النفسية يكون عادة له شروطه المرضية الخاصة بكل نوع من أنواع تلك العقاقير وقد تكون للبكاء فوائد كثيرة على سبيل المثال قد يحمى من الإصابة بالأمراض النفسية فالشخصية التى تفرغ شحنات الانفعال أولا بأول قد لا تصاب بمرض مثل الشخصية الأخرى التى تكبت انفعالاتها ولا تعبر عنها بالبكاء، أما بكاء الفرح الذى يعبر عن انفعالات السرور والبهجة وهو ظاهرة صحية تساعد على الراحة النفسية كذلك فالبكاء عند بعض حالات الأمراض النفسية أو فى -مراحل معينة-من علاج تلك الأمراض قد تكون له دلالة علاجية جيدة لدى هؤلاء المرضى ومنها الحالات النفسية المصاحبة بأعراض تحويلية مثل الإصابة بعدم القدرة على الكلام أو المشى بعد التعرض لضغوط نفسية شديدة أو إنسان يبكى دون أسباب ظاهرة وهى فى حالات الاكتئاب النفسى أو حالات الحزن الشديد وبدون أن يكون لفقدان هذه القدرة تفسير عضوى وغالبا عن علاج تلك الحالات والكلام ما زال للدكتورة منى الرخاوى ويبدأ المريض استرداد قدرته على المشى أو الكلام عادة ما تظهر آلامه الداخلية فى صورة أكثر صراحة ويبكى وتعتبر هذه الدموع التى يذرفها المريض دموعاً مرضية.
وتضيف من جانب آخر قد يكون البكاء غير مرغوب فيه علاجيا عند بعض الحالات حيث يمكن أن يكون وسيلة يتخذها المريض ليقضى بها على أى محاولة لتخطى المرحلة المرضية أو الوصول إلى الاستشفاء أو قد يكون المريض رافضا -لا شعوريا- لها.